Friday, January 7, 2011

النسبية الثقافية وشروط التحديث الفكري: قراءة في كتاب الدّراسات الدينية المعاصرة للدكتور المبروك المنصوري



النسبيّـة الثـقافيّـة وشروط التحديث الفكري العربيّ

إنّ أزمة الفكر العربي المعاصر هي في أبرز مستوياتها أزمة في المفاهيم التيّ تعدّ من الآلات الإدراكيّة والإجرائيّة المركزيّة في تحليل العلوم الإنسانيّة ومباشرة قضاياها ثقافيّها واجتماعيّها وسياسيّها واقتصاديّها ، فليس المفهوم إلاّ ضربًا من الفهم مخصوصًا للقضيّة ووجها من وجوه تمثّلها فتحليلها استقراء وتصوّرا واستنتاجًا .
وقد لاذ بعض المفكّرين ـ وقد أُشكلتْ عليهم المفاهيم في بيئتها الغربيّة ـ بمقولة لسانيّة ردّوا بمقتضاها الأمر إلى عجز اللغة العربيّة عن استيعاب المفاهيم واستيعاب نظمها الدلاليّة ، فالعربيّة عند هشام جعيّط " فقيرة جدّا في كلّ ما هو مصطلحات في الفلسفة والعلوم الإنسانيّة التي انتشرت في الغرب لكثرة استعمالها وكثرة استيعابها " (1)، وعبّر محمد أركون عن نفس التصوّر بقوله :" إنّ مفاهيم خطاب وأسطورة وبنية لم يفكّر فيها بعد كما ينبغي في الفكر العربي المعاصر ولن تؤدّي المناقشة إلى أيّة نتيجة صالحة إذا تمسّك هذا الطّرف المذكور بأحكام فقه اللغة التقليدي والتاريخ الرّوائي" (2)
بمثل هذه السطحيّة في التناول و التبسيط المخلّ بالعلميّة في الطرح والعجز عن استكناه حقيقة المفاهيم الغربيّة ومدى ملاءمتها للفضاء الإسلامي بشروطه الثقافيّة والحضاريّة ، لا غرابة أن يصير الفكر العربي المعاصر إلى أزمة شموليّة تعبّر عنها بكلّ وضوح أغلب الكتابات العربيّة التي توصف تجوّزًا بالأكاديميّة ، وينعت أصحابها بالتنويريين.
ولم يمنع استفحال هذه الأزمة الفكريّة من بروز بعض الكتابات الجادّة التي تنمّ عن عمق في التناول ودقّة في الطرح ونجاعة في تحليل القضايا واستيعاب أبعادها المختلفة ، ومن أبرز هذه الدراسات التي تهيّأ لها النشر والانتشار أخيرًا كتاب الدكتور المبروك المنصوري(3) الموسوم بـ " الدراسات الدينيّة المعاصرة من المركزيّة الغربيّة إلى النسبيّة الثقافيّة "(4)
1/ كتاب الدراسات الدينية المعاصرة بنيةً وموضوعًا
تطرّق الدكتور المنصوري في مستهلّ الكتاب إلى التحوّلات الجذريّة التي أثّرت تأثيرا مباشرًا وبالغًا في العلوم الإنسانيّة ومفاهيمها في الأوساط الأكاديميّة الغربيّة ، فدفعتها إلى مراجعة أنساقها التحليليّة وطرائق قراءتها للوقائع وتأصيل نظم معرفيّة بديلة ، وقد تمثّلت هذه التحوّلات في :
ـ أوّلا :أفول الدّاروينيّة وانهيار مرتكزاتها فأبعادها فتأثيرها في الأوساط العلميّة الغربيّة .
ـ ثانيًا : تنسيب المقاربات الباحثة في الظواهر الثقافيّة ، ذلك أنّ الاعتقاد بوجود حقيقة تاريخيّة مطلقة للظواهر الثقافيّة لا يعدو أن يكون وهمًا ، وكرّست الفلسفات ما بعد البنيويّة هذا الطرح واستثمرته في اشتغالها على الأنساق الفكريّة المختلفة.
ـ ثالثا: استتباعًا لما تقدّم ، تمّ إعادة النظر في المقاربات الوضعيّة الدينيّة.
ـ رابعًا : تحوّل مركز الثّقل في كتابة التاريخ من أوروبا إلى البلدان الآسيوية في المحيط الهادي من اليابان شمالا إلى استراليا جنوبًا .
1ـ 1 : القسم الأول : الاستشراق والمركزيّة الغربيّة : التحوّلات
1ـ 1ـ2 : الفصل الأول : الاستشراق وما بعد الحداثة : الغرب والفكر الآسيوي
استثمر الدكتور المنصوري التحوّلات الصميميّة الآنف ذكرها والتي مثّلت قطائع معرفيّة مع تقاليد البحث السائدة في العلوم الإنسانيّة في تحليل العلاقة بين الغرب والفكر الآسيوي باحثًا في خصوصيات الاستشراق ما بعد الحداثوي ، فأشار إلى أنّ الدراسات الاستشراقيّة عرفت تحوّلات جذريّة في النصف الثاني من القرن العشرين وهو المعروف بعصر ما بعد الاستعمار ، إذ صاحب حركة الاستقلال الوطني في كثير من الدوّل وعي بأهميّة الفكاك من التبعيّة الثقافية للغرب وتأسيس نماذج وطنية قادرة على استيعاب مفاهيم الهويّة الثقافية والحضارية و مواجهة مخاطر الاستيلاب التي نزع الغرب إلى توطيدها وترسيخها إبّان الحقبة الاستعماريّة في المجتمعات المستعمَرة مؤسساتٍ وأفرادًا ، كما أسهمت التيارات الفلسفيّة ما بعد الحداثويّة في تعرية الاستشراق الغربي التقليدي والإطاحة بأغلب رؤاه السّاعية إلى تنميط الشرق وجعله مثاليّا روحيّا متوحّد الجوهر مطلق الحقيقة ثابت الماهيّة متعاليا "
وما كان لحركة ما بعد الحداثوية أن تحقق ذلك لولا وعيها بالأزمة التي استفحلت في الفكر الحداثوي نفسه وعجزه عن تمثّل حقيقة المعرفة الإنسانيّة بما هي معرفة متشظية نسبيّة لا تثبت على حال في ضوء سرعة التغيّرات التي تكتنف مقولات العلم والعقلانيّة .
لقد تجاهلت الفلسفات الغربية لمدّة طويلة الفكر الشرقي واعتبرته هامشيّا نمطيّا يفتقد لإمكان الفعل والتأثير في حركة الفكر الكوني ، لذلك دأبت المرجعيّات الغربيّة على إقصاء الفكر الشرقي باعتبار عدم انتمائه للتراث الإغريقي الروماني .
لكن هذا الوضع تغيّر جذريّا بعد الحقبة الاستعماريّة إذ كشفت العديد من الدراسات الغربية التقليديّة عن ضرب من المشاكلة والمشابهة بين الأسس التي قامت عليها تيّارات الفكر ما بعد الحداثوي الغربي والفكر الآسيوي القديم ، وهو ما انعكس بشكل واضح في الممارسات الغربيّة المؤسسيّة منها والفرديّة من خلال الإقبال على "التعاليم البوذيّة والطّاويّة والزينيّة وغيرها من الفلسفات الدينيّة الشرقيّة "(4) .وأشارت ذات المراجع إلى انسراب الفكر الآسيوي ونفاذه في أعمال الكثير من الفلاسفة الغربيين لعلّ من أبرزهم هايدغير الذي أفاد من أعمال سوزوكي عن الزينيّة (5)
أمّا مظاهر الانسراب فلم تقتصر على مجال بعينه ، إنّما انسحبت على كثير من المجالات لعلّ أهمّها المستوى اللساني حيث بيّنت التحليلات أنّ مقولة التراكب في التصوّرات البشريّة وأثرها الحاسم في تظليل الأفهام الساعية إلى إدراك الظواهر المختلفة ـ وهي مقولة مركزيّة في التيار التفكيكي ما بعد الحداثوي ـ تجد صداها في الفكر الآسيوي وخاصّة مع مدرسة ماضيمكه التي ركّزت على كشف المقولات اللّغوية باعتبارها صناعة ثقافيّة .
وأشار الدكتور المنصوري في سياق متّصل بأثر الفكر الآسيوي في الدّراسات الغربيّة إلى قضيّة تشظّي المعنى والعدميّة التي ارتبطت بها المدارس التفكيكيّة ما بعد الحداثويّة مبيّنًا أنّها ضرب من المماهاة مع صياغة المفكّر البوذي ناقارجنه رغم تباين النتائج المتحققة في المقاربتين ، فبين العدميّة التي كرّسها الفكر الغربي وإعادة بناء الذّات وتأصيلها في فكر ناقارجنه بون شاسع مشوّه لجوهر التصوّر وأنساقه .
ويخلص المبروك المنصوري إلى مقاربة غاية في الدقّة والطرافة والجدّة في آن ، إذ كشف أنّ الفكر الغربي الذي صاغ تاريخًا راسخًا في بخس المرجعيات الفكرية غير المنضوية تحت لواء المركزيّة الغربيّة حقّها ما فتئ يسعى إلى الالتفاف على هذه الحقائق من خلال الادّعاء بأنّ الفكر الآسيوي لم يتهيّأ له تحقيق تحوّلات جذريّة والإسهام في الفكر الكوني إلاّ بعد التقائه بالفكر الغربي والنهل من معينه ، فكلّ ما حقّقه من نجاحات إنّما تعود إلى تكيّفه مع المركزيّة الغربيّة ، وهو تحليل استشراقي جديد مخادع ، أمّا المفكّرون الآسيويون فإنّهم تمكّنوا من قلب المعادلة وذلك باستثمار ما يرونه مفيدا من الأفكار الغربيّة في البيئة الآسيويّة ونبذ ما يهدّد هويّتهم الحضاريّة والثقافيّة .
لقد أفضت هذه التحوّلات الجذريّة الحادثة على أكثر من مستوى وفي أكثر من جهة إلى أفول المركزيّة الغربيّة ونهاية الاستشراق الآسيويّ عمليّا خاصّة بعد انتقال مركز الثقل الاقتصادي والاجتماعي إلى الفضاء الآسيوي ، وبروز الفكر الآسيوي بوصفه ندًّا للفكر الغربي ، فأصبح محاورًا له مؤثّرا فيه وهو ما يفسّر انفتاح الغرب على ثقافة الآخر الآسيويّ و تفهّم خصوصياته بعيدًا عن النظرة الفوقيّة المتعالية التي طبعت تعاملاته لحقبة طويلة. فهل مسّت هذه التحوّلات الاستشراق المهتمّ بالثقافة العربيّة الإسلاميّة؟
1ـ1ـ3 : الاستشراق الجديد والدراسات القرآنيّة : الغرب والفكر الإسلاميّ في الألفيّة الثالثة.
يختلف المجال الفكري الإسلامي عن المجال الفكري الاستشراقي سليل التراث اليهودي المسيحي اختلافاً نوعيّا ، وذلك على أكثر من صعيد ، فالإسلام يقدّم نفسه بوصفه مفارقًا لليهوديّة والمسيحيّة بديلاً عنهما، متجاوزًا لهما ، فهو دين نهائي خاتمٌ لعهود النبوّة، استوت فيه نظريّة الخلق وتحدّدت بمقتضاه العلاقة بين الخالق والمخلوق ، وتمكّن من تأسيس حضارة عظيمة على مجال جغرافيّ كونيّ ، فوعاه الغربيّون على أنّه مهدّد فعليّ لحضارتهم منذر بتلاشيها .
والتبس الاستشراق الناظر في الحضارة الإسلاميّة بهذه المعطيات التي تخمّرت لأحقاب في الذهنيّة الغربيّة وكرّستها المرجعيّات اللاهوتية المختلفة ، لذلك شكّلت هذه المنطلقات مصادرةً على النتائج وصار الاستشراق إلى عملٍ دائريّ غاياته تحدّد منطلقاته ، فكانت غايته القصوى هدم المرتكزات التي قام عليها الإسلام وتقويض ثوابته ، لذلك لم تخرج الدراسات الاستشراقيّة من دائرة التشكيك في الإسلام واعتباره دينًا وضعيًّا أنشأه المتنبّئ محمد العربي موظّفًا التراث اليهودي والمسيحي الذي اطّلع عليه أثناء رحلته إلى الشام ، واعتبار القرآن نصًّا بشريًّا تاريخيّا نسجه خيال هذا المنبّئ وترك لأصحابه مهمّة صياغته النهائيّة ، وعَدِّ العبادات الإسلاميّة نسخة مستعادة من الطقوس اليهوديّة والمسيحيّة ، واعتبار العلوم الإسلاميّة ترجمات مشوّهة للتراث الإغريقي ، فليس الإسلام إذن إلاّ حركةً تاريخيّة شكّلتها الهمجيّة البدويّة العربيّة موظّفة سطوة السيف حاثّة على القتل والفتك.
إنّ القرآن يمثّل جوهر الفكر الإسلامي ودعامته الرّئيسيّة والمنطلق الأسّ في تشكيل ثوابت الحضارة الإسلاميّة بمختلف أبعادها الدينيّة والثقافيّة والاجتماعيّة ، لذلك بات البحث في نظرة الاستشراق الجديد لهذا النصّ المؤسّس أمرًا ضروريّا للكشف عن خصائص هذا الاستشراق وضبط آليّاته المنهجيّة وتحديد سقوف فحصه للتراث الإسلامي ومدى استجابته لشروط الموضوعيّة والإنصاف .
وأشار الدكتور المنصوري ـ في هذا الصّدد ـ إلى أنّ النظريات الاستشراقيّة في تعملها مع النصّ القرآني لم تفارق منهجيتين :
ـ المنهجيّة النقديّة التاريخية التي كرّستها أعمال الباحثين الألمان في عملهم على التوراة والإنجيل وما توصّلوا إليه من نتائج تقرّ بالطابع التاريخاني البشري لهذين الأثرين الدينيين بحكم طول فترة التدوين من جهة وتدخّل الدّوائر الدينيّة في تحديد المادّة المدوّنة من جهة أخرى ، وقد سعى كريستوف لكسنبرغ إلى اعتماد هذه المنهجيّة في مقاربة القرآن الذي لم ير فيه إلاّ عملاً بشريًّا تطوّر تاريخيّا بحكم انتقاله من المرحلة الشفويّة إلى المرحلة المكتوبة مع ما رافق هذا الانتقال من إشكاليّات في مستوى الجمع والترتيب والتنقيط .
ـ المنهجيّة القائمة على المعطيات الفيلولوجيّة : التي استندت إلى الخصائص اللغويّة للتّوراة والإنجيل بحكم أنّهما كتابان يتّسمان بـ"التجميع" اللساني حيث تتعاضد العبريّة والأراميّة والسريانية في تدوين التوراة ، أمّا الإنجيل فلم يبق منه إلاّ نسخ مترجمة إلى الإغريقية والسريانية فاللاتينية بعد أن ضاعت الأصول الأراميّة .
وسعى روّاد هذه المنهجيّة إلى تطبيقها على القرآن وإثبات تضمّنه لمعطيات لسانيّة تنتمي إلى اللغات السابقة والمحايثة للغة العربيّة ، وقد أفادوا من الإلماعات العرضيّة التي وردت في كتب المفسّرين القدامى الذين ذهبوا إلى " التثاقف" بين لغة القرآن ولغات الجوار ، وهو رأي لا يعضده أيّ دليل علميّ حتّى عند هؤلاء المفسّرين.
هذه المواقف تمّ استثمارها بشكل مختلف مع الاستشراق ما بعد الاستعمار لتظهر في مقاربة فونتر ليلنق الموسومة بـ"القرآن أور" ، وهي تتلخّص في كون القرآن نصًّا جامعًا للتراث اليهودي المسيحي وهي نظرية لم تصمد كثيرا أمام الدّراسات القرآنيّة التي رأت فيها تجنّيًا على الحقيقة القرآنيّة وتزييفًا للبنية النصيّة . كما ظهرت مع الباحث جون فانسبرا الذي اعتبر أنّ القرآن لا يزيد على كونه تداخلاً بين المقاطع المؤلّفة في أزمنة مختلفة، فمكوّناته خلوٌ من أيّ انسجام داخليّ وتناسق صميميّ كما ذهب كلّ من مايكل كوك وباتريسيا كرونه إلى الطعن في مصداقيّة الوثائق العربيّة الواصفة للقرآن تنزيلاً وتدوينًا واستعاضا عنها بوثائق طغت عليها روح اليهوديّة المسيحيّة المعادية بطبيعتها للإسلام.
وتولّدت من رحم هذه المقاربات المتّفقة في عدائها للإسلام مقاربة كريستوف لكسنبرغ من خلال كتابه" قراءة سريانيّة أراميّة للقرآن : مساهمة في تفسير لغة القرآن "
وقد أقام مقاربته على جملة من الادّعاءات منها:
ـ القرآن "كتاب تراتيل طقسيّة مسيحيّة كانت تتلى في القدّاس وتستخدم في الكنائس المسيحيّة في سوريا" (6)
ـ القرآن مزيج لغويّ من العربية والسريانية والأراميّة ، وهو ما يفسّر ظهور مبحث "غريب القرآن" .
ـ محمد مبشّر مسيحيّ ، لكن تمّ تحريف دعوته التبشيريّة لتصبح دينًا قائم الذّات انطلاقًا من القرن التّاسع.
وبيّن الدكتور المنصوري في معرض تحليله لهذه المقاربة أنّها لا تصمد أمام البحث العلمي الرّصين منطلقًا بدحض المنطلقات اللغويّة التاريخيّة التي سوّغها لكسنبرغ ، فأشار بداية أنّه " لا توجد حقائق نهائيّة في قضايا تاريخيّة اللغات السامية وتطوّراتها "(8)
وبيّن أنّ العربيّة سابقة تاريخيّا للسريانيّة ، فالعربيّة والأراميّة متفرّعتان عن اللغة السامية الأمّ، أمّا السريانيّة فهي سليلة الأراميّة داحضًا بذلك مزاعم المستشرقين الذين ذهبوا إلى رأي مخالف معتبرين أنّ السريانيّة والكلدانيّة لهجتان للغة واحدة ، فالسريانيّة عندهم هي الأراميّة ذاتها ، ووظّف لكسنبرغ هذه المعادلة المغلوطة ليذهب إلى أنّ السريانيّة ظلّت لغة رسميّة في لجزيرة العربيّة إلى عهد الخليفة الأمويّ عبد الملك بن مروان ، عندما تمّ تعريب "مؤسسات الدولة" ، ليثبت بذلك أنّ القرآن خليط من اللغات.
وقد اعتمد لكسنبرغ "منهجًا" متدرّجًا لإثبات تضمّن القرآن للغة السريانيّة معجمِها ونحوِها منطلقًا من تفسير الطبري ، فلسان العرب ، فالبنية الصّرفية للفظة المدروسة ، ليقرّ بعد ذلك ـ إن أعوزته الحيلة وألجأته الحاجة ـ بانتساب الكلمة إلى اللغة السريانية.
وقد بنى لكسنبرغ مزاعمه باعتماد محاور ثلاثة :
ـ تنقيط القرآن منطلقًا من بعض الكلمات التي رآها "قلقة " في سياقها القرآني من قبيل لفظتي " تحت" و "سريّا" في الآية 24 من سورة مريم ، ليثبتها بعد مداورة على النحو الآتي : " فناداها من نحاتها ألاّ تحزني قد جعل ربّك نحاتك سريّا" مكسبًا لفظة "نحاتها " معنى التنزيل ، ومانحًا لفظة "سريّا" معنى "الحلال" .
ـ تعيين الألفاظ السريانيّة في القرآن: و من ذلك اعتباره "قسورة" تؤدّي معنى "الحمار الهرم" ، مع أنّ كلّ المؤشّرات اللغويّة تفيد بأنّها متأصّلة في اللغة العربيّة وزنا وصرفا ودلالة، وقد وردت في الشعر الجاهلي في أكثر من بيت .
ـ تصحيح الألفاظ السريانيّة في القرآن: ادّعى لكسنبرغ أنّ "فهم الأصول السريانيّة للفظة القرآن ، وللقرآن مجملاً هو السبيل على فهم اللغة القرآنيّة خاصّة بعد أن توصّل الفيلولوجيون الأوائل إلى أنّ قرأ وكتب ليست من أصول عربيّة "(9)
وقد حمل لكسنبرغ على القرآن وخاصّة ما جاء فيه من الآيات المبيّنة لإعجازه البيانيّ ، فإذا كان مبينًا كما تشير هذه الآيات فلمَ أشكلت آياته على المفسّرين وغمضت عليهم معانيه ، فظهرت مباحث "غريب القرآن" ، وانطلاقًا من ذلك اعتبر القرآن كتابًا منقولا من السريانيّة .
لم يكتب لقراءة لكسنبرغ الانتشار ، ولم يأبه بها أحد إلى أن وجدت فيها الصحافة الأمريكيّة مجالاً للانتقام من العالم الإسلامي بعد أحداث 11 سبتمبر ، فأشاعتها ونشرتها في مواقع كثيرة ، ولفتت انتباه العديد من الدّارسين ، وتواطأت الدوائر الإعلاميّة والأكاديميّة مع هذا الخلط العجيب ، لأنّها وجدت فيها موضعًا للدس على الإسلام والاستخفاف بالقرآن وبخس النبيّ محمد صلى الله عليه وسلّم مقامه ومكانته ، من ذلك مؤتمر نوتردام ( إحالة) الذي تبنّى أغلب طروحات لكسنبرغ باعتبار أنّ ما قدّمه يستند إلى ما جاء في كتب المفسّرين القدامى من إشارات إلى وجود كلمات معرّبة في القرآن ، وسعى مانفرد كروب الذي حاضر في هذا المؤتمر إلى إثبات الأثر المسيحي في القرآن الذي تسرّب إليه بحكم الروابط الجغرافية والتجارية بين الجزيرة العربية والحبشة المسيحيّة ، وخلص ماركوس قروس إلى عبثيّة الاعتماد على الوثائق العربية القديمة باعتبارها غير شفافة ومزوّرة للحقائق .
هذه الموجة من التأييد الأعمى للكسنبرغ لم تمنع ثلّة من الدّارسين الجادّين من نقده وتجريد مقاربته من أيّ بُـعد علميّ قادر على الصمود أمام الأنساق العلميّة الدقيقة ، ومن أبرز تلك الأعمال ما قدّمه فرانسوا دي بلوا الذي نقد عمل لكسنبرغ وبيّن أنّه استعادة لفرضيات الاستشراق الكلاسيكي ، ليخلص إلى كشف أمر مهمّ يتعلّق في استتار لكسنبرغ وراء هويّة مزيّفة ، فهو لبناني مسيحي قدّم نفسه بهويّة ألمانيّة ، وهي ظاهرة جديرة بالدّراسة خاصّة بعد تكرّرها في أوساط المستشرقين ، حيث عمد بعضهم إلى انتحال هويّة ، مثلما كان الأمر مع ابن الورّاق .
وقد عمد الدكتور المنصوري في نهاية الفصل إلى نقد مقاربات الاستشراق الجديد مؤكّدا على أنّها ضرب من الإحياء لمقولات الاستشراق الكلاسيكي وفرضياته في لبوس جديد مطيحًا بالمنطلقات اللسانية والانتروبولوجية التي وظفها لكسنبرغ نازعًا عنها غطاء التدليس ، مشيرًا إلى أنّها لا ترقى بأيّ حال إلى مستوى الأعمال الأكاديميّة ، خاتمًا الفصل بطرح قضيّة على غاية من الأهميّة ، وهي ضرورة عدم التصديق بأفول الاستشراق المهتمّ بالحضارة الإسلاميّة وفهم وسائله في تجديد الآليات وعناصر الفعل والتأثير من مداخل مختلفة خادعة ومظللّة .
1ـ2:القسم الثاني : من المركزية الغربية إلى النسبيّة الثقافية : المفاهيم
1ـ 2ـ 1: الفصل الأول:الهويّة والقيم الدينيّة في التجربتين التحديثيّتين اليابانيّة والعربيّة:دراسة مقارنة للإسلام والشنتو .
يشير الدكتور المنصوري بدءًا إلى أنّ تحديد مفهوم القيمة أمر من الصعوبة بمكان باعتبار تداخل المؤثّرات الفلسفيّة والتاريخيّة والثقافيّة في تشكيله وتنازعها في صياغته ، ومردّ الصعوبة عنده إلى عوامل أربعة:
ـ عدم ثبات المعايير المحدّدة للقيم باعتبار ما يطرأ عليها من تغيير بموجب الفعل التاريخي.
ـ تنازع المرجعيّات المسؤولة عن تحديد مفهوم القيم: الفرد أم المجتمع أم الأمّة.
ـ تشابك مفهوم القيم مع مفاهيم موازية وقريبة منه : الهويّة والثقافة والمجتمع .
ـ تبدّل القيم من بيئة ثقافيّة ـ اجتماعيّة إلى أخرى ، فهي ليست في كلّ الحالات قاسمًا مشتركًا بين الشعوب.
وتنسحب المعطيات نفسها على مفهوم الهويّة الذي يعسر تحديده خاصّة بعد سيادة مفهوم العولمة الذي يعني ـ فيما يعنيه ـ إلغاء الحواجز بين الهويّات والقيم وانصهارها في نموذج مهيمن واحد ألا وهو النموذج الغربي.
وأفضت هذه المداخل المفهوميّة بالدكتور المنصوري إلى طرح سؤال مركزيّ :هل الدين مرجع من مراجع تحديد القيم في المجتمع الحديث والمعاصر؟ وآثر أن يعالج هذه القضيّة انطلاقًا من بحث مقارنيّ بين الشنتو الياباني والإسلام.
يشير المنصوري إلى أنّ الإسلام دين كونيّ قائم على التوحيد جاء للنّاس كافّة أمّا الشنتو فهو دين قوميّ ياباني بدائي (10) مثل المرجع الأول للقيم الدينيّة والثقافات السياسيّة والاجتماعيّة التي حكمت الشعب الياباني ، وقد مثل الدّعامة المركزيّة في مشروع التحديث في أواسط القرن التاسع عشر التي تزامنت مع بعض التجارب الإصلاحيّة في الوطن العربي .
لقد تمكّن اليابانيّون من تحقيق مشروعهم التحديثي رغم العديد من المعوقات ومن أهمّها المعطى الجغرافي ، وخسارة الحرب العالميّة الثانية ، وعقد الدكتور المنصوري مقارنة طريفة بين التجربة اليابانيّة والتجربة المصريّة ، ذلك أنّ مصر كانت أكثر تقدّمًا من اليابان في أواسط القرن التاسع عشر ، " وقد سبقت إصلاحات محمد علي الإصلاحات اليابانيّة في عصر الإمبراطور مايجي بأكثر من ثلاثة عقود على الأقلّ كان اليابانيّون فيها يعانون من الجوع والفقر" (11)
إنّ نجاح التجربة اليابانيّة يعود ـ في نظر المنصوري ـ إلى حرص اليابانيين على تعميق أثر الدين في الحياة الفردية والمؤسسية ، وقد تزامنت بداية التحديث مع إحياء الشنتو ونشر تعاليمه ، يقول المنصوري في بيان ذلك " في حين حدّ الغرب من أثر الدين في الحياة الفرديّة والجماعيّة اقتصاديّة كانت أو سياسيّة أو فكريّة أو ثقافيّة لم يقصَ الدين عن حركة التحديث اليابانيّة كما تمّ في الغرب بل كان المشرّع لها والممهّد لتأصيلها إلى درجة صياغة نظريّة متكاملة في الغرض هي نظريّة سايساي إتشي saisai itchi
وتعني وحدة العقائد والحكومة ، أي أنّ أعضاء الحكومة هم أئمّة الشنتو والإمبراطور هو الإله والحاكم في ذات الآن "(12) .
ويلحظ المنصوري أنّ مشاريع التحديث العربيّة المحايثة زمنيّا للتجربة اليابانيّة اكتفت في الغالب الأعمّ بمحاكاة النموذج الغربي القائم على تجريد النصوص الدينيّة من قداستها (إحالة على العرب) وإقصاء مظاهر التديّن من حياتهم العامّة ، فلم يتمكّنوا من تحقيق الشروط الضروريّة الكفيلة بتحقيق تحديث جوهري وهو ما أفلح فيه اليبانيون عندما آمنوا بنموذجهم الوطني القائم على تعاليم الشنتو خاصّة بعد نجاح المفكّرين اليابانيين في تحويل الشنتو من دين بدائي إلى فلسفة دينيّة قائمة على نظريّة متكاملة في تنوّعها.
وفي المقابل لم يكن مشروع محمد علي الذي يعدّ أوّل مشروع تحديثي في العالم العربي وطنيًّا فعليًّا " بل كان الوجه الظاهري من مشروع استعماريّ خفيّ سعى إلى تفكيك الخلافة العثمانيّة "(13) ، إذ لم يكن لدى محمد علي أيّ تصوّر متكامل وناضج بشأن التحديث واكتفى باستيراد النموذج الغربي الرأسمالي الذي لا يتناسب مع المعطيات الثقافية والاجتماعية للبيئة المصريّة خاصّة والبيئة العربيّة عامّة ، أمّا التجربة الإصلاحية في تونس التي عرفتها في القرن التّاسع عشر فقد كانت عقيمة إذ اقتصرت على السلطة الحاكمة التي أفرطت في زيادة الضرائب ، وهو ما أفضى إلى تفكّك الدولة بين طرفين متنازعين: أقليّة مهيمنة تمارس كل أصناف الطغيان والاستبداد ، وأكثريّة محرومة تعاني البؤس والشّقاء ، وهو ما يفسّر كثرة الثورات .
ويخلص المنصوري إلى نتيجة مهمّة وهي أنّ أغلب المشاريع الإصلاحيّة العربية لم تستند إلى مفاهيم الهويّة الوطنيّة ، فلم تتمكّن من صياغة مشروع وطني يعي الخصوصيات الثقافية والاجتماعيّة والدينيّة ، إضافة إلى أنّ هذه المشاريع الإصلاحيّة لم تتمّ وفق مبدإ الاستمرار الاستراتيجي ، فكانت حالات معزولة سرعان ما تنتهي بمجرّد حدوث تغيير سياسي ، وقد آل الأمر بالخلافة العثمانية إلى الانهيار بدخول القوّات الاستعماريّة .
هكذا إذن حكم التغريب على كل تجارب التحديث التي عرفها العالم العربي بالفشل الذريع ، فصارت تجارب لتشويه الهويّة العربيّة القائمة بالأساس على المعطى الديني ، وأضحى الصّراع محتدمًا بين تيّارين يفتقدان آليّات الفعل المؤثّر : التيّار التغريبي الذي سعى إلى استيراد النموذج الغربي ، والتيّار الضديد له الذي اكتفى بالرّفض دون تقديم بديل ناجع ، فتحوّل الحديث عن التحديث إلى دائرة مفرغة ، وهو عكس ما حدث في التجربة اليابانيّة التي سعى روّادها إلى الفصل بين التحديث والتغريب ، فنظّروا لتحديث البلاد لا لتغريب المجتمع ، وتبنّوا شعارا فريدًا " الروح اليابانيّة والطريقة الغربيّة" .
لقد شكّل الدين جوهر التجربة التحديثيّة في اليابان لتفارق بذلك التجربة الغربيّة التي أقصت الدين ، أمّا في العالم العربي فإنّنا نعيش أزمة هيكليّة ، إذ تحوّل الدين عند من يوصفون بالتنويريين إلى معرقل للتحديث والتطوير ، لذلك وقع تهميش كلّ المقاربات ذات التوجّه الديني وإقصاء المفكّرين المنظّرين لها.
1ـ 2ـ 2: الفصل الثاني : مقولة الأسطورة في الدّراسات الدينيّة العربيّة واليابانيّة : تكاشي كيمورا مجادلاً لمحمد أركون .
إنّ مفهوم النسبيّة الثقافيّة لم يعد أمرا غُفلاً في الدراسات الغربيّة خاصّة وأنّه مثّل أداة ناجعة لتفكيك مقولات الحداثة وبيان مراكز الخلل المنهجي فيها ، وكرّس الدكتور المنصوري هذا المفهوم لإجراء مقارنة طريفة بين محمد أركون وتكاشي كيمورا في تعاملهما مع مقولة الأسطورة ، ولم يكن غرضه في ذلك إلاّ بيان الأنساق المنهجيّة التي توخّاها كلا المفكّرين ، وانطلق من ملاحظة على غاية من الأهميّة وهي أنّ كيمورا خصّ مقولة الأسطورة بدراسة مستفيضة مستقلّة فيما لم يُعْنَ بها أركون إلاّ عرضًا ، وفي ذلك بيان جليّ للفروق المنهجيّة التي حكمت عمل الرّجلين ,وهو ما سيكون له أثر بالغ في تحديد المصادرات .
أمّا الأسطورة عند أركون فهي مقولة محوريّة ذات نجاعة مثلى في التحليل ، لذلك أجراها في كلّ نماذج التراث الإسلامي فقهًا وعقيدةً ، ولم يتوان عن التصريح " القرآن خطاب أسطوري البنية" ، محاولاً الاستدلال على مشروعيّة قوله بالعودة إلى مداخل لغويّة تتيحها الفرنسيّة ، ويردّ القضيّة برمّتها إلى عجز العربيّة عن استيعاب المصطلحات ذات الصّلة ، وهي نظرة قاصرة عاجزة عن استكناه حقيقة الظواهر المدروسة ، فالمفارقة عجيبة مثيرة للاستغراب ، ذلك أنّ هذه المصطلحات والمفاهيم إنّما تعبّر عن خصوصيّة ثقافيّة وبيئة معرفيّة لها شروطها الذّاتيّة ، فما هو ناجع في الثقافة الغربيّة قد لا يكون كذلك في الثقافة العربيّة الإسلاميّة ، بمعنى أنّ الفكر هو في بعض وجوهه صدى للتجربة الاجتماعية الثقافية التي صاغته ، وبهذا المعنى الدقيق وعى كيمورا مقولة الأسطورة ، لذلك اعتبره غير ملائم لمقاربة الظواهر الانتروبولوجية اليابانية بمستوياتها المختلفة منطلقًا من اختلاف السياقات تباين المرجعيّات .
لقد بحث كيمورا في المصطلحMyth وقارنه بالمصطلح الياباني "شنوا Shinwa"، وتوصّل إلى أنّ مفهوم الأسطورة يعبّر عن ثقافة محليّة وريثة للتراث الإغريقي الروماني ، فلا يجوز بأيّ حال من الأحوال تعميمها على الثقافات الناشئة في بيئات مغايرة ، فبيّن بذلك قصور مثل هذه المفاهيم وهو ما عجز عنه أركون وغيره كثر من المفكّرين العرب الذين جعلوا وكدهم ترجمة الأفكار الغربيّة وإسقاطها من حيث يدرون أو لا يدرون على البيئة الثقافية العربيّة دون اهتمام بشروطها ، وهو السبب الفعلي لفشل كلّ محاولات التحديث ، لا عجز العربيّة عن استيعاب المفاهيم الغربيّة كما يزعمون .
3 : ملاحظات نقديّة
إنّ تميّز هذا البحث منهجًا وطرحًا ، لم يحلْ دون الوقوف على بعض الملاحظات النقديّة التي نجملها فيما يأتي .
أ ـ بدا الدكتور المنصوري مطمئنًّا للقول بأنّ عبارة "هيت لك " ذات أصل أمازيغيّ فرعوني مع أنّ هذا التخريج لا يصمد أمام تحدّيين:
ـ الأول : هذا القول مناف لجوهر الآية القرآنيّة " ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين".
فكيف تكون الآية عربيّة مبينة وبعض ألفاظها من غير ما عهده العرب .
ـ الثاني : هل تكفي شهادة بعض الأمازيغ المعاصرين للإقرار بمثل هذا التخريج ، والحال أنّ الأمر لا يجاوز حدود المشابهة اللفظيّة ؟
ـ قال الدكتور المنصوري " لم يسع سليمان القانوني إلى توحيد التشتّت الديني والمذهبي والسياسي الذي بدأت تشهده مناطق كثيرة من الخلافة" (ص 142) ، فهل كان أمر توحيدها ممكنًا حتّى يسعى إلى ذلك .
ـ يقول الدكتور المنصوري في ص161 : " وبدلا من العودة إلى القرآن والسنّة قياسًا على النموذج الياباني في عودته إلى كجكي ونيهونشوكي ..." وهي عبارة تقتضي المراجعة ، لأنّ العودة مطلب ضروري تمليها الحاجة الداخليّة الذاتيّة فتعليلها يكون من صميم الثقافة الإسلاميّة ، ولا مدعاة للقياس على أيّ نموذج خارجيّ .
4ـ الخــاتمـــة
قدّم الدكتور المبروك المنصوري في هذا الكتاب مقاربةً منهجيّة غاية في الدقّة ، فولج من خلالها إلى إحدى أهمّ القضايا التي ما فتئت تطرح بإلحاح في التجربة الثقافية العربية المعاصرة ، وهي : كيف نتعامل مع المقاربات النقديّة الغربيّة ؟ كيف نستدعي المنهج الكفيل بتحليل ظواهر ثقافتنا مع المحافظة على جوهر هويتنا؟
" الدراسات الدينية المعاصرة من المركزيّة الغربية إلى النسبية الثقافيّة " ـ في تقديري ـ تجربة في التحليل تجاوز حدّ كتاب لتشكّل مقاربة خلاّقة في الطرح والتناول ، جاءت لتصحّح مسارًا من الأخطاء المتراكمة التي حكمت على تجارب التفكير العربي بالفشل.
الهوامش والإحالات :
1 ـ هشام جعيّط : الوحي والقرآن والنبوّة ، دار الطليعة ، بيروت ، الطبعة الثالثة ، 1999، 7.
2ـ محمد أركون : تاريخية الفكر العربي الإسلامي ، تعريب هاشم صالح ، بيروت، مركز الإنماء القومي ،ط3،1998,8.
3ـ الدكتور المبروك المنصوري باحث مشارك بجامعة تسوكوبا باليابان ، وعضو بالأكاديميّة الأمريكية للأديان بأطلنطا ، يعدّ من أبرز الباحثين في الدراسات الدينيّة والحضاريّة والثقافية المقارنة ، يعمل حاليّا بجامعة الدمّام بالمملكة العربية السعودية ، صدرت له مجموعة من المؤلّفات منها :
ـ الإسلام في المغرب الكبير من الفتح إلى وفاة ابن رشد الحفيد: دراسة مقارنة في التّشكّل والانتشار والسّيادة والاستمرار، تونس، كليّة الآداب بسوسة والمطبعة الرّسميّة للجمهوريّة التّونسيّة، 2009.
ـ جدل الدين الإسلامي والعمران المغربيّ: الدار المتوسطية للنشر ،ط1، 2010.
4ـ الدراسات الدينيّة المعاصرة من المركزيّة الغربيّة إلى النسبيّة الثقافية : الاستشراق ، القرآن، الهويّة والقيم الدينية عند العرب والغرب واليابانيين ، الدار المتوسطية للنشر ، الطبعة الأولى ،2010.


الملكيّة الفكريّة للمقال لموقع الملتقى الفكري للإبداع

http://www.almultaka.net/ShowMaqal.php?id=785&cat=11

No comments:

Post a Comment