Saturday, September 27, 2014

من مقدمة كتاب:
صناعة الآخر:
 المسلم في الفكر الغربي المعاصر

من الاستشراق إلى الإسلاموفوبيا


د. المبروك الشيباني المنصوري
أستاذ مشارك بكلية الآداب، جامعة الدمام
باحث دولي مشارك بجامعة تسوكوبا بطوكيو

















P










الفهرس                                                     الصفحة
المقدمة.....................................................
القسم الأوّل.......................................................................
فنّ التّمثّل وصناعة الآخريّة الفكريّة: الاستشراق نموذجا

المحور الأوّل: الاستشراق: الفرضيّات والمسلّمات...........
1-الإطار المرجعي للرؤى والمفاهيم..........................
الاستشراق بصفته كلّا مركّبا.................................
الاستشراق بصفته رؤية مخصوصة..........................
الاستشراق بصفته منهجا....................................
الاستشراق بصفته إيديولوجيا.................................
الاستشراق بصفته مؤسّسة...................................
الاستشراق بصفته ظاهرة....................................
2-القصور العربي في التعريف والتصنيف..................
في التعريف اللغويّ والاصطلاحيّ:..........................
في الخلط بين الدراسات الاستشراقية والدراسات الشرقية.......
في اختزال الدراسات الاستشراقية.............................
قصور التعريف.............................................
قصور التّحديد..............................................
النقل الحرفي...............................................
3-مراحل الاستشراق بين التجانس والتغاير:................

المرحلة الأولى: الاستشراق الاستكشافي: حضارة تتطلّع إلى حضارة....

المرحلة الثّانية: الاستشراق الاستعماري: خطاب التّأسيس للمركزيّة الأوروبيّة............................................................
المنهجيّة النّقديّة التّاريخيّة ...........................................
المقاربة الفيلولوجيّة...................................................
المرحلة الثّالثة: الاستشراق ما بعد الاستعماري: المراجعات ما بعد الحداثويّة
التحوّلات المعرفيّة في المرحلة ما بعد الاستعماريّة.....................
القرآن في النّظريات الاستشراقيّة ما بعد الاستعماريّة...................
النّظريّة الأولى: ﭬونتر ليلنـ و"قرآن أور".............................
النّظريّة الثّانية: نظرية جون فانسبرا وتدوين القرآن.....................
النّظريّة الثّالثة: كوك وكرونه وتكوين العالم الإسلامي.................
المرحلة الرابعة: الاستشراق في الألفيّة الثالثة: من الأفول إلى التجدّد..

الاستشراق والفكر الآسيوي: الأفول...................................

الاستشراق والفكر الإسلامي: التّجدّد..................................

المحور الثاني: الاستشراق الجديد في الفكر الألماني المعاصر: الدّراسات القرآنية نموذجا........................................

1-نظريّة "القراءة السّريانيّة الآراميّة للقرآن" فرضيّاتها ومنطلقاتها....

الفرضيّة الأولى.....................................................
الفرضيّة الثّانية.....................................................

المنطلقات اللّغويّة التّاريخيّة ...........................................

اللغة الآرامية-السريانيّة وقيمتها الدينية والثقافية..........................

2-نظريّة "القراءة السّريانيّة الآراميّة للقرآن" مضمونها وتطبيقاتها.....

مضمون "القراءة السريانية الآراميّة" للقرآن...............................

3-النماذج التّطبيقيّة..................................................

التّنقيط الجديد للألفاظ القرآنيّة: بين العربيّة والسّريانيّة ...............

قلب حروف القرآن والألفاظ السّريانيّة  .............................

حركات المدّ والعلّة اليائيّة والقراءات العربيّة "الخاطئة"...............

4-مكانة "القراءة السّريانيّة الآراميّة للقرآن" في الفكر الغربي ....

الصّنف الأوّل: البحوث المهلّلة.................................

المقالات العلمية حول الكتاب: روبارت فينيكس وكورنيليا هورن...
المؤتمرات الأكاديميّة: مؤتمر نوتردام ومؤتمر برلين..............
في دعم منهج لكسنبرغ ونتائجه...............................
في أثر المسيحيّة الأثيوبيّة في عقائد القرآن.....................
الكتب الأكاديمية: كتاب "الإسلام المبكر" للألماني كارل هانس أوليش
الصنف الثاني: البحوث المتوازنة ...............................
ريتشارد كروس...................................................
مشائيل ماركس...................................................
الصنف الثالث: البحوث النقدية..................................
ﭬيرهارد بورنـ ..................................................
دانيال مديـﭭان....................................................
أنـﭭيلكا نويفرت...................................................
فرنسوا دي بلوا ..................................................
5-في دحض فرضيات "القراءة السريانية للقرآن"..................
الفرضّية الأولى: لغة مكة السريانية لا العربية.......................
الفرضيّة الثّانية: العربية صارت لغة في القرن الثامن...............
الفرضيّة الثّالثة: القرآن نقل مكتوبا لا شفويا.......................
الانتقائية وتطويع المادة البحثية...................................
في نقد مناهج الفيلولوجيا الدينية....................................
في نقد مناهج التحليل التاريخي..................................

القسم الثاني
فنّ التّمثّل وصناعة الآخريّة الإعلاميّة: الإسلاموفوبيا نموذجا...

المحور الأول:..................................................................................
الآخريّة والإرهابوفوبيا الأنقلوساكسونية
"الحرب المقدّسة والسّلام المقدّس" لجاف آستلي....................
"العلاقات الإسلاميّة-المسيحيّة" وأصول كراهيّة الإسلام للغرب عند لبرنار لويس..................................................................
"التّسامح الدّيني في أديان العالم" ليعقوب نويسنر وبروس شيلتون.....
صورة المسلمين في الإعلام الغربي: القراءة النّقديّة..................
"العرب الأشرار" لجاك شاهين....................................
"التهديد الإسلامي أسطورة أم حقيقة" لجون إسبيزيتو...............

المحور الثاني:..............................................................................
الآخريّة والإسلاموفوبيا الفرانكفونية ......................
سوسيولوجيا الإعلام وفن التمثل: الارتباطات والتشعبات...........
الإسلاموفوبيا والآخريّة من المعطى الموضوعي إلى المنتج التمثّلي..
الإسلاموفوبيا: الأشكال والإشكال................................
الإسلاموفوبيا في فرنسا: الجذور التاريخية والحضارية..............
صكّ مصطلح الإسلاموفوبيا: الإخراج الإعلامي الفرنسي..........
استقراء النماذج ونتائجها..........................................
الإسلاموفوبيا والقراءات النّقديّة الفرنسية للإعلام الفرنسي.............
"الإسلام المتخيَّل: التّشييد الإعلامي لكره الإسلام في فرنسا" لطوماس ديلطومب........................................................
"محطّمو الطابوهات" لسيباستيان فونتال.............................
"الإسلاموفوبيا الجديدة" لفانسون قايسّر..............................
الإعلام الفرنسي بين الإسلاموفوبيا ومعاداة الساميّة...................
الخاتمة..........................................................
الببليوغرافيا
العربية..........................................................
الألمانية.........................................................
الأنقليزية.......................................................
الفرنسية........................................................










 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقــــــدمة

صناعة "المسلم-الآخر" في الفكر الغربي المعاصر

بأيّ معنى؟

1

يقتضي الالتزام الحضاريّ والتّاريخي من المسلم المعاصر الاطّلاع المباشر والمستمرّ على ما يُنشر عنه حول العالم في كلّ اللغات الّتي تتوفّر له سبلها ويمتلك ناصياتها وإن بدرجات متفاوتة. والنّاظر في "المسلم": لفظا، وفردا، وفكرا، في الفكر الغربي المعاصر، يتبيّن له بكلّ يسر أنّ هذا المصطلح يكاد يترادف مع مصطلح "Other" الأنقليزي، و"Autre" الفرنسي و"Andere" الألماني: وجميعها تعني "الآخر"، وأنّ صورة هذا "المسلم-الآخر" صورة تَمَثُّلِيَّةٌ تُصنع صناعة، وليست مطابقة وجوبا للمعطيات الموضوعيّة المكوّنة "للمسلم" في حدّ ذاته: لفظا وفردا وفكرا. وحيثما قلّبنا تلك الصّورة فإنّنا سنجد أنفسنا في مجال "الآخريّة" في أبهى تجلّياتها.  
والآخريّة مقولة[1] تشكّلت مع مدارس "النّقد ما بعد الاستعماري Post-Colonial Criticism": وهو نقد منهجيّ تشكّل في الفترة ما بعد الاستعماريّة وسعى إلى تفكيك مختلف البنى الثقافيّة، الماديّة والرّمزيّة، التي حاول الاستعمار إرساخها في عقول المستعمَرين ونفوسهم، عنهم وعن رؤاهم وعن مكانتهم عند أنفسهم وعند غيرهم. ثمّ تدعّمت هذه المقولة مع مدارس "النّقد ما بعد الحداثوي Post-Modern Criticism": وهو نقد منهجيّ تشكّل في أواخر القرن الماضي وسعى إلى تفكيك المقولات الحداثويّة الغربيّة وتحطيم أساطير "المركزيّة الغربيّة" في ادّعاءاتها حول "إطلاقيّة المفاهيم" و"تعالي العقلانيّة" و"كونيّة الحقيقة" من وجهة النّظر الحداثويّة-الغربيّة وصلوحيّتها "لتحديث" كلّ شعوب الأرض مهما اختلفت لغاتهم وثقافاتهم وأديانهم!!
وساهم النقد ما بعد الاستعماري، شأنه في ذلك شأن النّقد ما بعد الحداثوي، في تحدّي قيم الحداثة الغربيّة ذاتها فنفى الإطلاقيّة عن القيم الفكريّة والثّقافيّة الغربيّة ونسّب مقولة الحقيقة المدّعاة ونزع عن الحداثة أبعادها الكونيّة، بعد أن أثبتت هذه المراجعات المعرفيّة أنّ هذه القيم والمفاهيم والمقاربات الغربيّة رؤى غربيّة مخصوصة صيغت وفق حاجات حضاريّة وأسس فلسفيّة غربيّة ولا تنطبق آليّا وحتميّا على كلّ الثّقافات والحضارات والشّعوب، باعتماد مقولة "النّسبيّة الثّقافيّة" التي قامت نقيضا لمقولة "المركزيّة الأوروبية Eurocentrism" ومقولة "الآخريّة" التي قامت نقيضا لمقولة "المركزيّة الذّاتيّة Egocentrism".

والآخريّة بصفتها "مقولة فلسفيّة Philosophical Category" تعني، في بعدها الفلسفي الوجودي، أنّ "من ليس أنا فهو آخر بالنّسبة إليّ". وتتوسّع الآخريّة لتشمل كلّ ما يميّز هذا الآخر عنّي من مأكل ومشرب وملبس وأنماط فكريّة وثقافيّة ماديّة وروحيّة ورمزيّة تنطلق من كيفيّة الفعل: أكلا أو شربا أو مشيا أو كلاما، وتصل إلى الرّؤى العامّة حول الكون والوجود والمصير.

والآخريّة بصفتها "مقولة تحليليّة Analytical Category" تعني كيفيّات تحليل مكوّنات الآخر ومقوّماته العامّة بالاستناد إلى مفهوميْ "التّفكيك" مع جاك درّيدا و"الحفر المعرفي" مع ميشال فوكو.

2

هذه الآخريّة قد تكون طبيعيّة ترتبط بالمستوى البيولوجي للإنسان، ولكنّها لا تتوقّف عنده بل تتعدّاه إلى المستوى البيو-ثقافي Bio-Cultural. المستوى البيولوجي يتّصل بالمكوّنات، والمستوى البيو-ثقافي يتّصل بالكيفيّات. ولنقدّم مثالا على ذلك يرتبط بالطّعام والجنس، نظرا إلى مركزيّة هذين المكوّنين في الوجود البشري باعتبار الجنس هو أصل الوجود والطّعام هو صانع الاستمرار لهذا الوجود.

الطّعام والجنس هنا مكوّنان بيولوجيّان يشملان كلّ البشر، بل كلّ الكائنات: السابحة والزاحفة والماشية والطّائرة، وإن بكيفيّات مختلفة يقتضيها التلاقح. ولكن ما يميّز البشر عن الكائنات الأخرى أوّلا، وما يميّز هذا الكائن البشري عن ذلك الكائن ثانيا، يتّصل بالكيفيّات أساسا: كيفيّة تركيب هذين المكوّنين وكيفيّة ترتيبهما.

فالطّعام، مثلا، مكوّن بيولوجيّ لا يؤسّس للآخريّة والاختلاف بين بني البشر. ولكنّ كيفيّة تركيب هذا الطّعام وترتيبه من جهة طهيه وإعداده وتقديمه وتناوله وأوقاته وأوضاعه وما يجوز أكله وما لا يجوز وفي أيّ وقت ووضع وحدث، كلّ ذلك ثقافيّ بامتياز. وهنا يمتزج البيولوجي بالثّقافي امتزاجا تكوينيّا ينقلنا من الحديث عن البيولوجي إلى الحديث عن البيو-ثقافي، وتكون الآخريّة حينذاك نتيجة طبيعيّة للتمايز بين البشر فكريا وثقافيا ووجوديا.

3

ولكنّ هذه الآخريّة تتحوّل إلى صناعة حينما ترتبط أساسا بفنّ التّمثّل، ولا ترتكز على المعطى الموضوعي. فتصير أنت آخرا بالنّسبة إليّ لا انطلاقا ممّا يميّزك عنّي طبيعيّا وثقافيّا، بل انطلاقا من كيفيّة تمثّلي لك. فتتحوّل عندي من كائن وجوديّ طبيعيّ إلى كائن تمثّليّ ارتسامي، وتتحوّل ذاتك إلى ما أتصوّرك أنا عليه، لا ما أنت عليه فعلا، وتتحوّل آخريّتك بالنّسبة إليّ إلى صناعة أتفنّن في تشييد معالمها. وتصير مكوّناتك التّمييزيّة لا معطيات موضوعيّة بل صورا تمثّليّة صُنِعت صناعةً ورُكّبت تركيبا في معاهد الدّراسات الاستراتيجيّة ومختبرات البحث والتّفكير وعمل الإعلام بكلّ وسائله على تسويقها عالميّا.

فدينك ولغتك وثقافتك وفكرك ولباسك وهيئتك ليست معطيات موضوعيّة بل هي صور تمثّليّة صنعتها أنا لك وركّبتها عليك قسرا لتصير آخرا بالنّسبة إليّ مختلفا عنّي. قد ينطلق هذا التمثل من المعطيات الموضوعية فيعتمد عليها بشكل مباشر، ولكنّه قد يتلاعب بها فيعيد تركيبها وترتيبها حتى يخالف منها "الوجودُ في الأذهان" "الوجودَ في الأعيان" بعبارة حازم القرطاجني.

4

فإذا وصلنا هذا الاستتباع النّظريّ بما نحن بصدد تحليله نقول "إنّ الفكر العربي الإسلامي بكلّ مكوّناته وبُناه ورؤاه-منظورا إليه من الفكر الغربيّ-هو نتيجة مباشرة لفنّ التّمثّل الغربيّ لهذا الفكر، وتصير آخريّته بالنّسبة إلى الغرب صناعة، بما في مصطلح الصّناعة من معانٍ رئيسيّة وحافّة.

وقد أثبت استقراؤنا للفكر الغربيّ في لغاته الأساسيّة الأربع: الفرنسيّة والأنقليزيّة والألمانيّة والإسبانيّة، أنّه أبدع في تعامله مع الفكر العربي الإسلاميّ، انطلاقا من فنّ التّمثّل وصناعة الآخريّة، ظاهرتين حضاريّتين سنحاول استكناههما باعتماد مقولات مدرستين تحليليّتين أثبتتا جدواهما في كشف ألاعيب الفكر الغربيّ وهما "التّفكيكيّة" مع جاك درّيدا، و"حفريات المعرفة"، مع ميشال فوكو. وهاتان الظّاهرتان هما الاستشراق والإسلاموفوبيا:

-الاستشراق بما هو خطاب مركّب ومعقّد ومضلّل يُظهر عكس ما يبطن ويُوري عكس ما يخفي، لا كما نظرت إليه كثير من الدّراسات العربيّة التّبسيطيّة الاختزاليّة بصفته فكرا متهافتا وخطابا مفكّكا متناقضا لا تمايز فيه.

-والإسلاموفوبيا بصفتها ظاهرة حضاريّة مركّبة من طبقات تراكميّة متراصفة، فيها الإعلاميّ والأكاديمي والفكري والسّياسي. ولكنّها ظاهرة توحي بنقيض ما تعلن، حتى لتبدوَ منسجمة مع ذاتها ومع منطلقاتها وأهدافها.

فالإسلاموفوبيا تعني ظاهريّا كُره الغربيين للإسلام وخوفهم المرضيّ منه. ولكنّها تعني أيضا، وهذا ما لم يشر إليه كثيرون لأنّهم لم يفكّكوا الخطاب ولم يحفروا في معانيه الحافّة، أنّ "الإسلام هو فوبيا": Islam IS a Phobia أو "الإسلام بصفته فوبيا" Islam AS a Phobia: أي هو ذلك الإسلام الكريه البغيض الناتج عن التمثّل لا الإسلام الواقعي الذي يكون شعور الغربي تجاهه شعورا طبيعيا ومنطقيّا وليس شعورا مرضيّا أو توجّسيّا. ونحن هنا نوظّف مفهوم الانعكاسيّة Reflexivity في أبهى صوره.

وهكذا يكون الاستشراق وتكون الإسلاموفوبيا نتيجتين مباشرتين من نتائج فنّ التّمثّل وصناعة الآخريّة في الفكر الغربي. ويخطئ من يتعامل معهما على أساس أنّهما نتيجتان مباشرتان من نتائج التّعامل الموضوعي مع المعطيات التّكوينيّة للحضارة العربيّة الإسلاميّة.

ولهذا يسعى البحث في مجمله إلى محاولة استكناه ألاعيب الفكر الغربي الحديث والمعاصر وأضاليله وتزييفاته بجهاز نظريّ متماسك مستقىً من الفكر النّقديّ الغربيّ في حدّ ذاته، بعد أن أثبت جدواه في تحليل الرّؤى الفكريّة والصّور النّمطيّة والتّراكمات الارتساميّة في مجالات كثيرة، وصار معتمدا من طوكيو شرقا إلى لوس أنجلس غربا.

5

نحتاج إذا إلى "التّفكيك"، حسب مصطلح درّيدا، وإلى "الحفر" معرفيّا حسب مصطلح فوكو في هاتين الظّاهرتين المركّبتين والمعقّدتين، لا إلى التّعميم أو التّبسيط أو الاختزال أو إطلاق الأحكام المعياريّة القيميّة التي دأبت عليها كثير من الدّراسات العربيّة الّتي لا تقدّم جديدا ولا تضيف شيئا ذا بال في هذا المجال.

ويتطلب فعلَـا "التّفكيك" و"الحفر"، لاستكشاف التّراكمات الّتي غطّت هذه الصّورة والتّعتيمات الّتي سعت إلى تضليلها، تعاضد جهود كبرى من علوم شتّى. نحتاج للتّعامل مع الاستشراق والإسلاموفوبيا إلى شفرات تحليليّة ومفاهيم ورؤى ونظريّات تستقي من معائن متنوّعة: من علم العلامات: السيميولوجيا، وعلم الدّلالات: السيمنطيقا، وعلم الرّموز: السّيمبولوجيا، وعلم الاجتماع وعلم النّفس والأنثروبولوجيا الدّينيّة والثّقافيّة والتّاريخ واللّغويّات وغيرها من العلوم العاضدة الّتي سنكتشف بها كيفيّة اشتغال الفكر الاستشراقي والإعلام الإسلاموفوبي الغربي لصناعة آخريّة العربيّ المسلم عبر تمثّله تمثّلا يخالف ما رسخ منه في الأذهان ما وجد منه في الأعيان مخالفة كليّة أو جزئيّة حسب درجات التّعتيم اللفظي والمفهوميّ والدّلالي.

وإذا ربطنا بين التّأريخ للحدث والتّأريخ للفكر من جهة، وبين الغيريّة والآخريّة من جهة أخرى، نقول إنّ الاستشراق قد ساهم في تشكيل آخريّة الفكر العربي الإسلامي، فهو مغاير للفكر الغربي من جهة الأسس والبنى والمقوّمات، أمّا الإسلاموفوبيا فقد ساهمت في تشكيل آخريّة العرب المسلمين، فهم يمثّلون الآخر بالنّسبة إلى الغربيّ من جهة الرّؤى والتّصوّرات والمعتقدات والأفكار: تجاه الذّات وتجاه الآخر.

وفي كلا المستويين تُعتبر الآخريّة صناعة، إلا أنها في الاستشراق صناعة فكريّة، أما في الإسلاموفوبيا فهي صناعة إعلاميّة. وكلّ ما تنتجه العقول والمختبرات ثمّ يسوّق أكاديميا أو إعلاميا فهو يعتبر صناعة بقطع النّظر عن مدى الانطباق ومصداقيّة التمثّل.

6

وإذا أردنا تأصيل ما نحن بصدده من قضايا التمثّل والصّور الارتسامية ومدى مطابقة ما سمّيناه "المعطيات الموضوعيّة" لـ"لصّورة التمثّليّة" لن نجد أفضل من حازم القرطاجنّي حين حديثه عن "الوجود في الأعيان" و"الوجود في الأذهان".

قال حازم القرطاجنّي في "منهاج البلغاء وسراج الأدباء" حين حديثه عن المعرّف الدّال على طرق المعرفة بأنحاء وجود المعاني: "إن المعاني هي الصور الحاصلة في الأذهان عن الأشياء الموجودة في الأعيان. فكل شيء له وجود خارج الذهن فإنه إذا أدرك حصلت له صورة في الذهن تطابق لما أدرك منه"[2].

صدق حازم فيما قال. ولكن هذا الصدق محدود لأنّ التّزييف التّمثّلي الغربي يجعل الصورة الموجودة في الأذهان عن العرب والمسلمين مخالفة للصورة الموجودة في الأعيان وليست مطابقة لها وجوبا. فالمعاني إذا هي الصورة الموجودة في الأذهان للأشياء الموجودة في الأعيان. والتّمثّل هو كيفيّة إدراك تلك المعاني. والصّناعة فعل توليد المعنى الذّهني من الحدث العيني. بهذا نكون قد كشفنا منذ البدء عن الأسس النّظريّة والمستندات الفكريّة لهذا البحث. نحن في مجال محاولة تفكيك كيفيّات التمثّل لتبيّن أساليب صناعة الآخريّة تصوّرا وتصديقا. هذا هو المستوى الأوّل الذي نستلهمه من حازم ونظلّ ندور في فلكه كامل هذا البحث تنظيرا وتطبيقا.

والمستوى الثّاني مستقى من حازم أيضا، ولكنّه يصوّر درجة غير الأولى في إدراكٍ مخالفٍ للبعد الأوّل من جهة حالته، وهذا المستوى هو الوجود في الأفهام. يقول حازم "قد تبين أن المعاني لها حقائق موجودة في الأعيان ولها صور موجودة في الأذهان ولها من جهة ما يدل على تلك الصور من الألفاظ وجود في الأفهام, ولها وجود ما يدل على تلك الألفاظ من الخط يقيم صور الألفاظ وصور ما دلت عليه في الأفهام والأذهان"[3].

فللأشياء إذا وجود في الأعيان، ثمّ وجود في الأذهان، ثمّ وجود في الأفهام. هذا التصوّر مرتبط بسياقه في القول الشّعريّ الّذي أبدع فيه العرب قديما، ولكنّ القول الإعلاميّ الّذي أبدع فيه الغرب حديثا غير بعيد عن هذا. ففعل الشّعر في النّفوس من جهة الصّور المتمثّلة في الذّهن  كفعل الإعلام من جهة الصّور المتمثّلة في العين. في الشّعر كانت الصّورة تجريديّة تحتاج إلى إدراك، وفي الإعلام صارت الصّورة تصويريّة تحتاج إلى إبصار. وما بينهما فمشترك. يفعل الإعلام في النفس اليوم ما كان يفعله الشّعر فيها في الأمس.

المستوى الثّالث، الأدقّ، مستلهم من حازم أيضا حين حديثه عن المعاني الّتي لا وجود لها خارج الّذهن أو تلك الّتي يكون الوجود في الأعيان مخالفا لها مخالفة جذريّة. وهذه الحال الثّالثة إلى البحث أقرب وبهذا التّأصيل النّظريّ أنسب، لأنّها متعلّقة بما لا وجود له خارج الذّهن من صور نمطيّة وأفكار مسبقة وتراكمات من الأحكام المعياريّة والرّؤى والتّصوّرات توارثتها الأجيال عبر العصور بين الغرب والعرب. يقول حازم "وإذ قد عرفنا كيفية التصرف في المعاني التي لها وجود خارج الذهن والتي جعلت بالفرض بمنزلة ما له وجود خارج الذهن فيجب أيضاً أن [يشار] إلى المعاني التي ليس لها وجود خارج الذهن أصلا, وإنما هي أمور ذهنية محصولها صور تقع في الكلام بتنوع طرق التأليف في المعاني والألفاظ الدالة عليها والتقاذف بها إلى جهات من الترتيب والإسناد"[4].

وأذكّر من جديد بأنّ حازما يتحدّث عن الصّورة الشّعريّة ونحن في سياقنا نتحدّث عن الصّورة التمثّليّة الّتي صنعها الاستشراق والإعلام. والأمران غير بعيدين عن بعضهما سياقيّا. ومقصودنا هنا بعبارة حازم هو تلك المعاني التي صنعها الفكر الغربي للإسلام والمسلمين مما ليس له وجود خارج أذهانهم أصلا، وإنّما هي ترسّبات ذهنيّة تمثّليّة تقع في الكلام بتنوّع طرق تأليف المعاني وترتيبها وتركيبها وفق ما يريد الفكر الغربي أن يراه في العربي المسلم أو ما يريد أن يُريَه عن العربيّ المسلم.

ولذلك سينصبّ بحثنا على كيفيّات التمثّل وعلى صناعة الآخريّة في الفكر الغربيّ تحديدا: الاستشراق والإسلاموفوبيا.

7

وسينقسم البحث إلى قسمين اثنين:

يدرس القسم الأوّل فنّ التّمثّل وصناعة الآخريّة الفكريّة من خلال نموذج واحد ومحدّد ذي بعد فكريّ هو الاستشراق. وسنهتمّ فيه بالاستشراق من جهة مراحله ومناهجه ونتائجه. وقد اعتمدنا منهجا استقرائيّا للمُنْتَج الاستشراقي في ثلاث لغات أساسيّة هي الفرنسية والأنقليزيّة والألمانيّة. وحاولنا نقض تلك الفكرة العربيّة المهترئة التّي تعتبر الاستشراق ذا لون واحد ومنهج واحد ونمط واحد لا تمايز في مراحله ومكوّناته وأساليبه، أو تقسّم الاستشراق تقسيما ثنائيّا معياريّا غير أكاديمي وغير علميّ: إلى "استشراق منصف" و"استشراق مغرض"، فتندرج في اللّعبة الغربيّة حول الآخريّة عن وعي أو عن غير وعي.
نظرنا في الاستشراق وحدّدنا فرضياته ومسلّماته وضبطنا الإطار المرجعيّ للرؤى والمفاهيم بشكل علمي موضوعيّ محايد. ثمّ حدّدنا المميزات العامة للاستشراق حتى نزيح عن فكر القارئ منذ البدء كلّ ترسّبات التّبسيط المخلّ والاختزال الكبير في كثير من الدّراسات العربيّة الّتي تعتمد في تعريف المفاهيم على "اللّغة" و"الاصطلاح" وتكتفي بهما.
وبدا لنا الاستشراق خطابا زئبقيّا متلوّنا يتكوّن من حزمة من الدّوال والمفاهيم والفرضيات والارتباطات والعلاقات المتعاضدة المتراصفة المتفاعلة. ونظرنا إليه بصفته كلّا مركّبا ورؤية مخصوصة ومنهجا وإيديولوجيا ومؤّسسة وظاهرة.
فإذا استقام لنا ذلك نظرنا في القصور العربي في تعريف الاستشراق وتصنيفه وما يتّسم به من اختزال ونقل وتبسيط لا معنى تحته في بعض الحالات. وسعينا إلى إعادة ترتيب التّجربة الاستشراقية وفق مفهوميْ "التجانس" و"التغاير" لأنّ كثيرا من الدّراسات العربيّة نظرت إلى الاستشراق على أساس أنّه خطاب متجانس أو وحدة لا تمايز بين أجزائها، وكأن لا اختلاف تاريخيا أو لغويّا أو معرفيّا أو فكريّا أو مفهوميّا بين ما كتبه الألمانيان يوسف فرنتز شاخت Joseph Franz Schacht من جهة ويوسف فن آس Josef Van Ess  من جهة أخرى.
فقسّمنا الاستشراق بناء على التّحوّلات المعرفيّة والفكريّة والحضاريّة التي عرفها القرنان المنصرمان إلى استشراق استكشافي واستشراق استعماري واستشراق ما بعد استعماري واستشراق جديد تشكّل في بداية هذه الألفيّة الثّالثة.
وتتبّعنا هذه المراحل في مياسمها العامة ومميزاتها الخاصة. وركّزنا على الاستشراق ما بعد الاستعماري. وجعلنا الاستشراق الجديد في الألفية الثالثة في الفكر الألماني محور الفصل من خلال كتاب كريستوف لكسنبرغ "القراءة السّريانيّة-الآراميّة للقرآن".
وقد اخترنا "القرآن" و"الفكر الألماني" و"الاستشراق الجديد" لدواع موضوعيّة تجب الإشارة إليها:
1-أردنا أن نهتمّ بتحليل الاستشراق في الفكر الألماني، نظرا إلى أهميّة هذا الفكر، فلسفيّا وحضاريّا.
2-اخترنا كتابا أُلّف في بداية هذا القرن، ولم تمض عليه بضع سنوات، واعتمدنا على أصله الألماني، حتى نتجنّب الاجترار والتّكرار والانحباس في مصنّفات استشراقيّة بليت عظام مؤلّفيها، فكيف بأفكارهم!
3-اخترنا الاستشراق الدّارس للقرآن-رغم تفضيلنا للعقائد في بادئ الأمر باعتبار تخصّصنا الدّقيق في الدّراسات العقديّة والعقائد المقارنة- لأنّه القاعدة الّتي بُنيت عليها الحضارة العربيّة الإسلاميّة دينيّا وتاريخيّا ووجوديّا أيضا. واتّجاه المستشرقين الجدد في بداية هذا القرن إلى القرآن يحدوه مطمح إلى هدّ هذه القاعدة، وهدّها سيؤدّي، حسب وجهة نظرهم، إلى تهاوي كامل البنيان. فأردنا بهذا البحث "هدّ الهدّ"، وسلب السّلب إيجاب كما يقول المناطقة. ثمّ إنّ القرآن في الإسلام أصل وما عداه ففرع منه اشتُقّ وعليه انبنى. واهتمام المستشرقين في مفتتح هذا القرن بالقرآن تحديدا دون العقائد أو الشّرائع يبيّن دقّة نظرهم وحسن إدراكهم للمكانة الدينية والتّاريخية والوجوديّة للقرآن. ولذلك سعينا في آخر الفصل إلى نقض كلّ الفرضيّات الّتي بنى عليها لكسمبورغ عمله. فإذا استقام ذلك، صار، منطقيّا، كلّ ما كتبه غير ذي موضوع.
وقد ارتأينا الحديث عن الاستشراق من داخله لا من خارجه، وتحليل خطابه لا تحليل الخطاب عنه. فراوحنا بين التّنظير والتّحقيب والتّطبيق. واعتمدنا كتابا استشراقيا في لغته الأصليّة وفكّكناه في أصوله ومنطلقاته، دون حاجة إلى قناة التّرجمة التي كثيرا ما تشوّش الأفكار وتشوّهها، وحتّى نكون أوفياء لمنطلقاتنا الفكرية والمنهجيّة.
أمّا القسم الثاني فخصّصناه لـ"فنّ التّمثّل وصناعة الآخريّة الإعلاميّة في الفضاءين الأنقلوساكسوني والفرانكفوني من خلال دراسة مقولة واحدة هي الإسلاموفوبيا.

فصّلنا هذا القسم إلى محورين اثنين. درسنا في الأوّل الآخريّة والإرهابوفوبيا الأنقلوساكسونيّة باعتبار الإرهاب أكثر مقولة تكرّر ذكرها في الخطابين الأكاديمي والإعلامي عن العرب والمسلمين طوال نصف القرن الأخير ولا يزال صداها يتردّد باعتبارها أهمّ مقوّمات صناعة العربيّ المسلم في الفكر والإعلام الأمريكيين باعتباره آخر مختلف عن الغربي ومخالفا له في الآن ذاته. وقد صارب الخوف من الإرهاب خوفا مرضيّا، أو هو فوبيا تدعمه البحوث الأكاديميّة والخطابات السّياسيّة والمنتجات الإعلاميّة، وصارت الإرهابوفوبيا في الفكر الغربيّ المعاصر مبحثا سيكولوجيّا وسوسيولوجيّا ينعكس على نفسيّة الغربيّ فيوجّه كيفيّة تمثّله للآخر العربيّ-المسلم، أكثر من كونه مشغلا أمنيّا أو سياسيّا.
انطلقنا في هذا القسم من النظر في بعض البحوث الأكاديميّة الأنقلوساكسونيّة الّتي سعت إلى تشكيل صورة نمطيّة عن الإسلام باعتباره دين عنف وقتل وإرهاب أو سعت إلى تفكيك تلك الصّورة ونقدها باعتبارها صورة تزييفيّة مضلّلة. فركّزنا على بحوث شهيرة كان لها أثر بالغ في رسم صورة العربيّ المسلم في الفكر الغربي وتشكيل ملامحها ومنها ما كتبه جاف آستلي وبرنار لويس ويعقوب نويسر وبروس شلتون. ثمّ دعّمنا ذلك بالنّظر في بعض الكتابات النّقديّة لهذه التوجّهات التّمثّليّة الغربيّة فاخترنا رائدين من الروّاد الذين تُعتبر كتاباتهم من أدقّ ما أُلّف في هذا المجال وهما جاك شاهين من خلال كتابيه "العربي في التلفزيون" و"العرب الأشرار" وجون إسبيزيتو في كتابه "التهديد الإسلامي: أسطورة أم حقيقة".
ثمّ أردفنا ذلك بالنّظر في الآخريّة والإسلاموفوبيا الفرانكفونية في الإعلام الفرنسي من جهة أسسها ومكوّناتها وتجلّياتها، ودرسنا كيف يساهم الإعلام الفرنسي في تشكيل الإسلاموفوبيا وفي نشرها إعلاميّا حتى تماثل الصّورة المرسومة في الأذهان عن المسلمين عامّة وعن العرب خاصّة تلك الصورة التي تصنع في المختبرات ودوائر التّفكير ومعاهد البحوث الاستراتيجيّة، لا الصورة الموجودة في الأعيان.
انطلقنا في هذا الفصل من بعض القضايا النّظريّة المتعلّقة بسوسيولوجيا الإعلام من خلال صلتها بفنّ التمثّل في ارتباطاته وتشعّباته. ثمّ ركّزنا على ازدواج الآخريّة بين المعطى الموضوعي والمنتج التّمثّلي. وبعد أن تهيّأ لنا ذلك نظرنا في الجذور التّاريخيّة والحضاريّة للإسلاموفوبيا في الفضاء الفرانكوفوني وانعكاس تلك الجذور على صكّ مصطلح الإسلاموفوبيا في حدّ ذاته من جهة إلصاقه بالثّورة الإيرانيّة باعتبار ذلك "الإخراج الصّحفيّ" الفرنسي لأصل المصطلح فعلا تمثّليّا بامتياز.
وبعد أن ركّزنا على بعض الصّحف والمجلّات الفرنسيّة التي اهتمّت بالإسلام وأخرجته إخراجا إسلاموفوبيّا نظرنا في التّوجّهات النّقديّة الفرنسيّة لصورة الإسلام في الإعلام الفرنسي. واخترنا عددا من المؤلّفات الفرنسيّة التي كشفت أضاليل الإعلام الفرنسي وألاعيبه وكيفيّة تزييفه للواقع وصنعه للآخريّة عبر فنّ التّمثّل. ومن هؤلاء المؤلّفين نذكر طوماس ديلطومب وسيباستيان فونتنال وفانسون قايسر. وبهذا نكون قد ساهمنا في كشف أسس التّمثّل ومقوّمات الآخريّة في الإعلام الفرنسي صناعة ونقدا.
 ويطمح البحث إلى أن يغطّي الفضاءات الغربيّة الثلاثة الكبرى: الفضاء الجرماني والفضاء الفرانكفوني والفضاء الأنقلوسكسوني. وقد حرصنا على الدّقّة في اختيار النّماذج والشّمول والموضوعيّة قدر الإمكان فتجنّبنا الأحكام المعياريّة والتّقييمات الشّكليّة التي لا تضيف شيئا ذا بال.
فإذا تهيّأ لنا ذلك تكون الرّؤية قد اكتملت والآفاق قد رُسمت بما يساهم في تطوير المفاهيم والأفكار والرّؤى والتّصوّرات في الفكر العربي الإسلامي المعاصر.

وبين هذه الأقطاب جميعا جال البحث،،،، وكانت النتائج،،،، وهي دعوة إلى التفكير أكثر من أن تكون تسطيرا لنتائج...
ولسنا ندّعي في ذلك أيّ تفرّد أو خصوصيّة، بل غاية ما نطمح إليه هو أن نساهم، ولو جزئيا، في إثراء مقوّمات هذا الفكر انطلاقا من انتمائنا الحضاري والتزامنا الفكري. والله من وراء القصد.

 

الدمام في 10- 02- 1435/ 13- 12- 2013

mabroukmansouri@yahoo.com





[1] نحن نعتمد هنا تعريف المصطلح كما حدّده جون-فرونسوا ستازاك حيث ربط القضيّة بالمركزيّة الاثنيّة الأوروبية Ethnocentrism وفق ضبط ليفي-ستراوس Lévy-Strauss، ووصلها أيضا بالآخريّة النابعة من التمايز في المكان والفضاء، وكتب يقول  Otherness is the result of a discursive process by which a dominant in-group (Us, the Self) constructs one or many dominated out-groups (Them, Other) by stigmatizing a difference –real or imagined- presented as a negation of identity and thus a motive for potential discrimination. Jean-François Staszak, International Encyclopedia of Human Geography, 2008, Elsevier.
(بما أنّ البحث عن الفكر الغربيّ المعاصر، ونحن نعتمد على مؤلّفات أصليّة وفي لغاتها الأصليّة فإنّنا سنورد الشواهد المهمّة من مصادرها وفي لغاتها الأصليّة بلفظها الغربيّ في الهوامش كلّما دعت الحاجة الأكاديميّة لذلك، تعميما للفائدة، وحرصا على الدّقة، مع إثباتنا للمعنى أو للترجمة في المتن).
[2] حازم القرطاجني، منهاج البلغاء وسراج الأدباء، 4.
[3] نفسه، 4.
[4] نفسه، 3.

No comments:

Post a Comment